بقلم الإعلامية رجاء السعيدي

 

لو لم تكن هناك مرآة نبصر فيها وجوهنا. هل كان بأمكاننا أن نعرف مواطن الجمال فيها أو مواطن الخلل؟ كيف كنا نستطيع أن نتجمل؟

قد يجيب أحدهم اذا لم تكن المرآة فربما سطح الماء الساكن مرآة نرى فيه وجوهنا .وإذا لم يكن فالسطوح المعدنية اللامعة الصقيلة. وإذا لم يكن فعيون الناس مرايا اذا رأوا ما يسرهم شعت ابتسامة الارتياح على وجوههم كعلامة على أننا مرضيون في نظرهم. وفي كل الأحوال الحاجة للمرآة حاجة مشتركة وليست مقتصرة على الفتيات والنساء فقط.والسؤال ماذا تفعل المرآة؟ بالإضافة إلى أنها ترينا مظاهرنا كما هي ودون مجاملة أو مداهنة. فإن لها لسانا ناطقا يقول:هذا جميل وهذاغير جميل. وهذا وسخ وهذا نظيف. وهذا مقبول وهذا غير مقبول. وهذا رث وهذا جديد .. فشهادة المرآة معتد بها. . لأنها صادقة ولأنها لاتكن لأحد عداء اذا كشفت عيبه. ولاتكن له مودة اذا أظهرت حسنه. هذا هو حال المرآة السوية الصحيحة السليمة.أما إذا كانت صدئة. أو ملوثة. أو مشوهة. فأنها لا  تريك وجهك كما هو .لأن الصدأ يحجب مافي الوجه من حسن. وربما يزيد من قبحه أن كان قبيحا. والمرايا كما هو معلوم أشكال وأنواع فأذا كانت المرآة مقعرة أو محدبة. مصغرة أو مكبرة. فأنها لاتظهر شكل الذي يقف قبالتها إلا مشوها ممسوخا وكأنه تعرض إلى حادث مؤسف قلب ملامحه.

وفي المحصلة كيفما تكون المرآة تكون الصورة. ولهذا جاء الحديث الشريف يشبه المؤمن بأنه مرآة أخيه المؤمن. وبالطبع فهو يريد المرآة السوية المستوية لا المرآة المشوهة المكبرة أو المصغرة. أي أن المؤمن مسؤول عن نقل الصورة كما هي بلا تحريف ولا زيادة ولا نقصان. فإن رأى مايسره من أخيه قال ذلك بصدق بعيدا عن التملق والمجاملة. وإن رأى مايسوؤه منه فلا يتردد أو يسكت أو يكتم ذلك في نفسه.والمرأة بعد ذلك كتومة اذا رأت منك مايشين فإنها لاتنقل ذلك للقادم الذي يأتي بعدك لتقول له أنها رأت في وجهك هذا العيب أو ذاك. وهذا مايجعلك تحب المرآة لأنها لاتحب الوشاية.والأهم من ذلك أن المرآة بلا ذاكرة. فهي لاتدون في ذاكرتها الصور القديمة. وإنما تظهر لك ماهو آني ومباشر. فأذا سبق لها أن رأت فيك عيبا ونبهتك إليه في حينها. فإنها لاتعاود التذكير به ثانية وثالثة لئلا تجرح احساسك. فإذا جئتها لاحقا وقد اصلحت من عيبك فإنها تقوم شكلك بعد الإصلاح وتنسى ماكان قبله. وهذا سبب آخر يجعلنا نحب المرآة.والأهم من ذلك أن المرآة بلا ذاكرة. فهي لاتدون في ذاكرتها الصور القديمة. وإنما تظهر لك ماهو آني ومباشر. فأذا سبق لها أن رأت فيك عيبا ونبهتك إليه في حينها. فإنها لاتعاود التذكير به ثانية وثالثة لئلا تجرح احساسك. فإذا جئتها لاحقا وقد اصلحت من عيبك فإنها تقوم شكلك بعد الإصلاح وتنسى ماكان قبله. وهذا سبب آخر يجعلنا نحب المرآة.

المؤمن إذن كالمرآة  .. لايفضحك أمام الآخرين. ولاينشر مايراه من عيوبك بل يتكتم عليها. إنه يصارحك بها لكنه يكتمها عن غيرك وكأنها سر من ألاسرار التي لايجوز فضحها أو كشفها إلا لمن اطلع عليها.وهكذا تفعل المرآة الثانية :اخوك الذي يصدقك القول في الدين. فإذا خطر لك ان تكذب المرآة وتخرج على الناس من غير إصلاح لوضعك فإنك ستقرأ أنتقادهم في عيونهم. وعندها لاتلوم إلا نفسك.حديث المرآة هذا. هو حديث النقد والنصيحة والتسديد.        

ار اس اس