بقلم علاء صابر الموسوي

ليكن نقدك لأخيك. أو أي إنسان آخر نقدا بينيا. أي بينك وبينه ولاتنقده أمام الآخرين. فحتى لو كان نقدك هادفا وهادئا وموضوعيا إلا أن النقد في حضور الآخرين قد يدفع الطرف الآخر إلى التشبث برأيه. أو الدفاع عن نفسه ولانقول عن خطئه. ولذا جاء في الحديث :(من وعظ أخاه سرا فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه) .

فالنقد هو حالة تقويم  .. حالة وزن بالقسطاس المستقيم. وكلما كنت دقيقا في نقدك. بلا جور ولا انحياز ولاتعصب ولا إفراط ولا تجاوز. كنت أقرب إلى العدل والإنصاف. وبالتالي أقرب إلى التقوى. قل في منقودك ماله وماعليه. قل ماتراه فيه بحق ولاتتعد  ذلك (فمن بالغ في الخصومة أثم) .

لذلك على الناقد أن يجمع الإيجابي إلى السلبي وهذا الأسلوب من الأساليب المحببة في النقد ومتبع في (النقد الأدبي ) حيث يحاول النقاد أن يتعرضوا للجوانب الأيجابية في النص الأدبي وإلى الجوانب السلبية فيه. حتى تكون الصورة النقدية واضحة في ذهن القاريء. فالجوانب الأيجابية تحتاج إلى كشف وتوضيح وإبراز تماما. إذا أن تبدأ بالايجابي فتشيد به وتثمنه ثم تنتهي إلى السلبي. وبهذه الطريقة تكون قد جعلت من الإيجابيات مدخلا سهلا للنقد. لأنك بذلك تفتح مسامع القلب قبل الأذنين ليستمع الآخر إلى نقدك أو نصيحتك  .. إنك تقول له : انه جيد وطيب وصالح ومحترم لكن ثمة مؤاخذات لو انتبه إليها لكان أكثر حسنا وصلاحا.

فإذا احترمت ايجابيات الشخص المنقود وحفظتها له. ولم تنسفها أو تصادرها لمجرد ذنب أو خطأ أو إساءة. فأنك سوف تفتح أبواب الاستماع الى ماتقول على مصراعيها. وبذلك تكون قد حققت هدفك من النقد. وهو إيصال رسالة للمنقود حتى يهتم ويتعظ. كما أنك لم تجرح إحساسه ولم تخدش مشاعره. وقد دعا القرآن إلى احترام ايجابيات الناس في قوله تعالى  (ولاتبخسوا الناس أشياءهم ).

ويذكرني السيد المسيح عليه السلام حين مر مع حواريوه على جثة كلب متفسخة. فقال الحواريون :ماأنتن جيفة هذا الكلب !

وقال عيسى عليه السلام :انظروا إلى أسنانه  .. ما أشد بياضها !

لقد كان الحواريون محقين في نقدهم للجثة المتفسخة التي تنبعث منها روائح كريهة. لكنهم ركزوا على السلبي  (الطاغي) على الجثة. أما المسيح عليه السلام فكان ناقدا لاتفوته اللفته الإيجابية الصغيرة حتى وإن كانت  (ضائعة)  وسط هذا السلب من النتانة.

وهذا درس نقدي يعلمنا كيف أننا لانصادر الإيجابية الوحيدة أو الصغيرة اذا كان المنقود كتلة من السلبيات.

 

إذا قبل أن تمضي في نقدك وترتب عليه الأثر. احترم نوايا المنقود وحاسبه على الظاهر  (فلعل عذرا وأنت ملوم) .فقد يكون مضطرا وللضرورة أحكامها وقد يكون ساهيا ناسيا غير قاصد ولامتعمد. والقلم مرفوع عن الناسي أو الجاهل غير المتعمد. وقد يكون له رأي أو مبرر غير الذي تراه....

ار اس اس